فصل: باب مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ

صباحاً 8 :29
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
28
الأحد
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب‏)‏ كأنه يشير إلى حديث أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا فيه ‏"‏ والرؤيا لأول عابر ‏"‏ وهو حديث ضعيف فيه يزيد الرقاشي، ولكن له شاهد أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه بسند حسن وصححه الحاكم عن أبي رزين العقيلي رفعه ‏"‏ الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت ‏"‏ لفظ أي داود‏.‏

وفي رواية الترمذي ‏"‏ سقطت ‏"‏ وفي مرسل أبي قلابة عند عبد الرزاق ‏"‏ الرؤيا تقع على ما يعبر، مثل ذلك مثل رجل رفع فهو ينتظر متى يضعها ‏"‏ وأخرجه الحاكم موصولا بذكر أنس، وعند سعيد بن منصور بسند صحيح عن عطاء ‏(‏كان يقال الرؤيا على ما أولت ‏"‏ وعند الدارمي بسند حسن عن سليمان بن يسار عن عائشة قالت ‏"‏ كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر يختلف - يعني في التجارة - فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ إن زوجي غائب وتركني حاملا‏.‏

فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت وأني ولدت غلاما أعور، فقال‏:‏ خير، يرجع زوجك إن شاء الله صالحا وتلدين غلاما برا ‏"‏ فذكرت ذلك ثلاثا، فجاءت ورسول الله صلى الله عليه وسلم غائب، فسألتها فأخبرتني بالمنام، فقلت‏:‏ لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك وتلدين غلاما فاجرا، فقعدت تبكي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ مه يا عائشة‏.‏

إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على خير فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها ‏"‏ وعند سعيد بن منصور من مرسل عطاء بن أبي رباح قال ‏"‏ جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ إني رأيت كأن جائز بيتي انكسر - وكان زوجها غائبا - فقال، رد الله عليك زوجك، فرجع سالما ‏"‏ الحديث، ولكن فيه أن أبا بكر أو عمر هو الذي عبر لها الرؤيا الأخيرة، وليس فيه الخبر الأخير المرفوع، فأشار البخاري إلى تخصيص ذلك بما إذا كان العابر مصيبا في تعبيره، وأخذه من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في حديث الباب ‏"‏ أصبت بعضا وأخطأت بعضا ‏"‏ فإنه يؤخذ منه أن الذي أخطأ فيه لو بينه له لكان الذي بينه له هو التعبير الصحيح ولا عبرة بالتعبير الأول‏.‏

قال أبو عبيد وغيره‏:‏ معنى قوله ‏"‏ الرؤيا لأول عابر ‏"‏ إذا كان العابر الأول عالما فعبر فأصاب وجه التعبير، وإلا فهي لمن أصاب بعده، إذ ليس المدار إلا على إصابة الصواب في تعبير المنام، ليتوصل بذلك إلى مراد الله فيما ضربه من المثل، فإذا أصاب فلا ينبغي أن يسأل غيره، وإن لم يصب فليسأل الثاني، وعليه أن يخبر بما عنده ويبين ما جهل الأول‏.‏

قلت‏:‏ وهذا التأويل لا يساعده حديث أبي رزين ‏"‏ إن الرؤيا إذا عبرت وقعت ‏"‏ إلا أن يدعى تخصيص ‏"‏ عبرت ‏"‏ بأن عابرها يكون عالما مصيبا، فيعكر عليه قوله في الرؤيا المكروهة ‏"‏ ولا يحدث بها أحدا ‏"‏ فقد تقدم في حكمة هذا النهي أنه ربما فسرها تفسيرا مكروها على ظاهرها مع احتمال أن تكون محبوبة في الباطن فتقع على ما فسر، ويمكن الجواب بأن ذلك يتعلق بالرائي، فله إذا قصها على أحد ففسرها له على المكروه أن يبادر فيسأل غيره ممن يصيب فلا يتحتم وقوع الأول بل ويقع تأويل من أصاب فإن قصر الرائي فلم يسأل الثاني وقعت على ما فسر الأول‏.‏

ومن أدب المعبر ما أخرجه عبد الرزاق ‏"‏ عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى‏:‏ فإذا رأى أحدكم رؤيا فقصها على أخيه فليقل‏:‏ خير لنا وشر لأعدائنا ‏"‏ ورجاله ثقات‏.‏

ولكن سنده منقطع‏.‏

وأخرج الطبراني والبيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من حديث ابن زمل الجهني بكسر الزاي وسكون الميم بعدها لام ولم يسم في الرواية وسماه أبو عمر في ‏"‏ الاستيعاب ‏"‏ عبد الله قال ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال‏:‏ هل رأى أحد منكم شيئا‏؟‏ قال ابن زمل‏:‏ فقلت أنا يا رسول الله، قال‏:‏ خيرا تلقاه وشرا تتوقاه، وخير لنا وشر على أعدائنا والحمد لله رب العالمين، اقصص رؤياك ‏"‏ الحديث وسنده ضعيف جدا، وذكر أئمة التعبير أن من أدب الرائي أن يكون صادق اللهجة وأن ينام على وضوء على جنبه الأيمن وأن يقرأ عند نومه الشمس والليل والتين وسورة الإخلاص والمعوذتين ويقول‏:‏ اللهم إني أعوذ بك من سيء الأحلام، وأستجير بك من تلاعب الشيطان في اليقظة والمنام اللهم إني أسألك رؤيا صالحة صادقة نافعة حافظة غير منسية، اللهم أرني في منامي ما أحب ومن أدبه أن لا يقصها على امرأة ولا عدو ولا جاهل‏.‏

ومن أدب العابر أن لا يعبرها عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ولا عند الزوال ولا في الليل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْبُرْهَا قَالَ أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنْ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قَالَ فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ قَالَ لَا تُقْسِمْ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن يونس‏)‏ هو ابن يزيد الأيلي، ولم يقع لي من رواية الليث عنه إلا في البخاري‏.‏

وقد عسر على أصحاب المستخرجات كالإسماعيلي وأبي نعيم وأبي عوانة والبرقاني فأخرجوه من رواية ابن وهب، وأخرجه الإسماعيلي أيضا من رواية عبد الله بن المبارك وسعيد بن يحيى ثلاثتهم عن يونس‏.‏

قوله ‏(‏عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أخبره‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أن ابن عباس كان يحدث‏)‏ كذا لأكثر أصحاب الزهري، وتردد الزبيدي هل هو عن ابن عباس أو أبي هريرة‏.‏

واختلف على سفيان بن عيينة ومعمر فأخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أو أبي هريرة، قال عبد الرزاق‏:‏ كان معمر يقول أحيانا عن أبي هريرة وأحيانا يقول عن ابن عباس وهكذا ثبت في ‏"‏ مصنف عبد الرزاق ‏"‏ رواية إسحاق الديري، وأخرجه أبو داود وابن ماجه عن محمد بن يحيى الذهلي عن عبد الرزاق فقال فيه ‏"‏ عن ابن عباس قال‏:‏ كان أبو هريرة يحدث ‏"‏ هكذا أخرجه البزار عن سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق وقال لا نعلم أحدا قال عن عبيد الله عن ابن عباس عن أبي هريرة إلا عبد الرزاق عن معمر ورواه غير واحد فلم يذكروا أبا هريرة انتهى‏.‏

وأخرجه الذهلي في ‏"‏ العلل ‏"‏ عن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه عن عبد الرزاق فاقتصر على ابن عباس ولم يذكر أبا هريرة وكذا قال أحمد في مسنده ‏"‏ قال إسحاق عن عبد الرزاق كان معمر يتردد فيه حتى جاءه زمعة بكتاب فيه عن الزهري ‏"‏ كما ذكرناه، وكان لا يشك فيه بعد ذلك، وأخرجه مسلم من طريق الزبيدي ‏"‏ أخبرني الزهري عن عبيد الله أن ابن عباس أو أبا هريرة ‏"‏ هكذا بالشك، وأخرجه مسلم عن ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة مثل رواية يونس، وذكر الحميدي أن سفيان بن عيينة كان لا يذكر فيه ابن عباس، قال فلما كان صحيحه آخر زمانه أثبت فيه ابن عباس أخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريق الحميدي هكذا، وقد مضى ذكر الاختلاف فيه على الزهري مستوعبا حيث ذكره المصنف في ‏"‏ باب رؤيا بالليل ‏"‏ وبالله التوفيق‏.‏

قال الذهلي‏:‏ المحفوظ رواية الزبيدي، وصنيع البخاري يقتضي ترجيح رواية يونس ومن تابعه، وقد جزم بذلك في الأيمان والنذور حيث قال ‏"‏ وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر‏.‏

لا تقسم فجزم بأنه عن ابن عباس‏.‏

قوله ‏(‏أن رجلا‏)‏ لم أقف على اسمه، ووقع عند مسلم زيادة في أوله من طريق سليمان بن كثير عن الزهري ولفظه ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يقول لأصحابه‏:‏ من رأى منكم رؤيا فليقصها أعبرها له، فجاء رجل فقال ‏"‏ قال القرطبي معنى قوله ‏"‏ فليقصها ‏"‏ ليذكر قصتها ويتبع جزئياتها حتى لا يترك منها شيئا، من قصصت الأثر إذا اتبعته، وأعبرها أي أفسرها‏.‏

ووقع بيان الوقت الذي وقع فيه ذلك في رواية سفيان بن عيينة عند مسلم أيضا ولفظه ‏"‏ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم منصرفه من أحد ‏"‏ وعلى هذا فهو من مراسيل الصحابة سواء كان عن ابن عباس أو عن أبي هريرة أو من رواية ابن عباس عن أبي هريرة لأن كلا منهما لم يكن في ذلك الزمان بالمدينة، أما ابن عباس فكان صغيرا مع أبويه بمكة فإن مولده قبل الهجرة بثلاث سنين على الصحيح وأحد كانت في شوال في السنة الثالثة، وأما أبو هريرة فإنما قدم المدينة زمن خيبر في أوائل سنة سبع‏.‏

قوله ‏(‏إني رأيت‏)‏ كذا للأكثر‏.‏

وفي رواية ابن وهب ‏"‏ إني أرى ‏"‏ كأنه لقوة تحققه الرؤيا كانت ممثلة بين عينيه حتى كأنه يراها حينئذ‏.‏

قوله ‏(‏ظلة‏)‏ بضم الظاء المعجمة أي سحابة لها ظل وكل ما أظل من ثقيفة ونحوها يسمى ظلة فاله الخطابي‏.‏

وقال ابن فارس‏:‏ الظلة أول شيء يظل زاد سليمان بن كثير في روايته عند الدارمي وأبي عوانة وكذا في رواية سفيان بن عيينة عند ابن ماجه ‏"‏ بين السماء والأرض‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏تنطف السمن والعسل‏)‏ بنون وطاء مكسورة ويجوز ضمها ومعناه تقطر بقاف وطاء مضمومة ويجوز كسرها يقال نطف الماء إذا سال‏.‏

وقال ابن فارس‏:‏ ليلة نطوف أمطرت إلى الصبح‏.‏

قوله ‏(‏فأرى الناس يتكففون منها‏)‏ أي يأخذون بأكفهم، في رواية ابن وهب ‏"‏ بأيديهم ‏"‏ قال الخليل‏:‏ تكفف بسط كفه ليأخذ، ووقع في رواية الترمذي من طريق معمر ‏"‏ يستقون ‏"‏ بمهملة ومثناة وقاف أي يأخذون في الأسقية، قال القرطبي‏:‏ يحتمل أن يكون معنى ‏"‏ يتكففون ‏"‏ يأخذون كفايتهم وهو أليق بقوله بعد ذلك ‏"‏ فالمستكثر والمستقل‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ وما أدري كيف جوز أخذ كفى من كففه، ولا حجة فيما احتج به لما سيأتي‏.‏

قوله ‏(‏فالمستكثر والمستقل‏)‏ أي الآخذ كثيرا والآخذ قليلا، ووقع في رواية سليمان بن كثير بغير ألف ولام فيهما‏.‏

وفي رواية سفيان بن حسين عند أحمد ‏"‏ فمن بين مستكثر ومستقل وبين ذلك‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وإذا سبب‏)‏ أي حبل‏.‏

قوله ‏(‏واصل من الأرض إلى السماء‏)‏ في رواية ابن وهب وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض وفي رواية سليمان بن كثير ‏"‏ ورأيت لها سببا واصلا ‏"‏ وفي رواية سفيان بن حسين ‏"‏ وكأن سببا دلى من السماء‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فأراك أخذت به فعلوت‏)‏ في رواية سليمان بن كثير فأعلاك الله‏.‏

قوله ‏(‏ثم أخذ به‏)‏ كذا للأكثر، ولبعضهم ‏"‏ ثم أخذه ‏"‏ زاد ابن وهب في روايته ‏"‏ من بعد ‏"‏ وفي رواية ابن عيينة وابن حسين ‏"‏ من بعدك ‏"‏ في الموضعين‏.‏

قوله ‏(‏فعلا به‏)‏ زاد سليمان بن كثير ‏"‏ فأعلاه الله ‏"‏ وهكذا في رواية سفيان بن حسين في الموضعين‏.‏

قوله ‏(‏ثم أخذ به رجل آخر فانقطع‏)‏ زاد ابن وهب هنا ‏"‏ به ‏"‏ وفي رواية سفيان بن حسين ‏"‏ ثم جاء رجل من بعدكم فأخذ به فقطع به‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏ثم وصل‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ فوصل له ‏"‏ وفي رواية سليمان ‏"‏ فقطع به ثم وصل له فاتصل ‏"‏ وفي رواية سفيان بن حسين ‏"‏ ثم وصل له‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏بأبي أنت‏)‏ زاد في رواية معمر ‏"‏ وأمي‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏والله لتدعني‏)‏ بتشديد النون‏.‏

وفي رواية سليمان ‏"‏ ائذن لي‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فأعبرها‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ فلأعبرنها ‏"‏ بزيادة التأكيد باللام والنون، ونحوه في رواية معمر، ومثله في رواية الزبيدي‏.‏

قوله ‏(‏أعبرها‏)‏ في رواية سفيان عند ابن ماجه ‏"‏ عبرها ‏"‏ بالتشديد‏.‏

وفي رواية سفيان بن حسين ‏"‏ فأذن له ‏"‏ زاد سليمان ‏"‏ وكان من أعبر الناس للرؤيا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وأما الظلة فالإسلام‏)‏ في رواية ابن وهب وكذا لمعمر والزبيدي ‏"‏ فظلة الإسلام ‏"‏ ورواية سفيان كرواية الليث وكذا سليمان بن كثير وهي التي يظهر ترجيحها‏.‏

قوله ‏(‏فالقرآن حلاوته تنطف‏)‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ حلاوته ولينه ‏"‏ وكذا في رواية سفيان ومعمر، وبينه سليمان بن كثير في روايته فقال ‏"‏ وأما العسل والسمن فالقرآن في حلاوة العسل ولين السمن‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فالمستكثر من القرآن والمستقل‏)‏ زاد ابن وهب في روايته قبل هذا ‏"‏ وأما ما يتكفف الناس من ذلك ‏"‏ وفي رواية سفيان ‏"‏ فالآخذ من القرآن كثيرا وقليلا ‏"‏ وفي رواية سليمان بن كثير ‏"‏ فهم حملة القرآن‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وأما السبب إلخ‏)‏ في رواية سفيان بن حسين ‏"‏ وأما السبب فما أنت عليه تعلو فيعليك الله‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏ثم يأخذ به رجل‏)‏ زاد سفيان بن حسين وابن وهب ‏"‏ من بعدك ‏"‏ زاد سفيان بن حسين ‏"‏ على مناهجك‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏ثم يأخذ به‏)‏ في رواية سفيان بن حسين ‏"‏ ثم يكون من بعد كما رجل يأخذ مأخذكما‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏ثم يأخذ به رجل‏)‏ زاد ابن وهب ‏"‏ آخر‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فيقطع به ثم يوصل له فيعلو به‏)‏ زاد سفيان بن حسين ‏"‏ فيعليه الله‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت أم أخطأت‏)‏ في رواية سفيان ‏"‏ هل أصبت يا رسول الله أو أخطأت‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏أصبت بعصا وأخطأت بعضا‏)‏ في رواية سليمان بن كثير وسفيان بن حسين ‏"‏ أصبت وأخطأت‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏قال فوالله‏)‏ زاد ابن وهب ‏"‏ يا رسول الله ‏"‏ ثم اتفقا ‏"‏ لتحدثني بالذي أخطأت ‏"‏ في رواية ابن وهب ‏"‏ ما الذي أخطأت ‏"‏ وفي رواية سفيان بن عيينة عند ابن ماجه، فقال أبو بكر أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني بالذي أصبت من الذي أخطأت وفي رواية معمر مثله لكن قال ‏"‏ ما الذي أخطأت ‏"‏ ولم يذكر الباقي‏.‏

قوله ‏(‏قال لا تقسم‏)‏ في رواية ابن ماجه ‏"‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقسم يا أبا بكر ‏"‏ ومثله لمعمر لكن دون قوله ‏"‏ يا أبا بكر ‏"‏ وفي رواية سليمان بن كثير ‏"‏ ما الذي أصبت وما الذي أخطأت، فأبى أن يخبره ‏"‏ قال الداودي‏:‏ قوله ‏"‏ لا تقسم ‏"‏ أي لا تكرر يمينك فإني لا أخبرك وقال المهلب‏:‏ توجيه تعبير أبي بكر أن الظلة نعمة من نعم الله على أهل الجنة وكذلك كانت على بني إسرائيل، وكذلك الإسلام يقي الأذى وينعم به المؤمن في الدنيا والآخرة، وأما العسل فإن الله جعله شفاء للناس وقال تعالى إن القرآن ‏(‏شفاء لما في الصدور‏)‏ وقال إنه ‏(‏شفاء ورحمة للمؤمنين‏)‏ وهو حلو على الأسماع كحلاوة العسل في المذاق، وكذلك جاء في الحديث ‏"‏ أن في السمن شفاء ‏"‏ قال القاضي عياض‏:‏ وقد يكون عبر الظلة بذلك لما نطفت العسل والسمن اللذين عبرهما بالقرآن، وذلك إنما كان عن الإسلام والشريعة، والسبب في اللغة الحبل والعهد والميثاق، والذين أخذوا به بعد النبي صلى الله عليه وسلم واحدا بعد واحد هم الخلفاء الثلاثة وعثمان هو الذي انقطع به ثم اتصل انتهى ملخصا‏.‏

قال المهلب‏:‏ وموضع الخطأ في قوله ‏"‏ ثم وصل له ‏"‏ لأن في الحديث ثم وصل ولم يذكر ‏"‏ له‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ بل هذه اللفظة وهي قوله ‏"‏ له ‏"‏ وإن سقطت من رواية الليث عند الأصيلي وكريمة فهي ثابتة في رواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة وكذا في رواية النسفي، وهي ثابتة في رواية ابن وهب وغيره كلهم عن يونس عند مسلم وغيره‏.‏

وفي رواية معمر عند الترمذي‏.‏

وفي رواية سفيان بن عيينة عند النسائي وابن ماجه‏.‏

وفي رواية سفيان بن حسين عند أحمد‏.‏

وفي رواية سليمان بن كثير عند الدارمي وأبي عوانة كلهم عن الزهري، وزاد سليمان بن كثير في روايته ‏"‏ فوصل له فاتصل ‏"‏ ثم ابن المهلب على ما توهمه فقال‏:‏ كان ينبغي لأبي بكر أن يقف حيث وقفت الرؤيا ولا يذكر الموصول له فإن المعنى أن عثمان انقطع به الحبل ثم وصل لغيره أي وصلت الخلافة لغيره انتهى‏.‏

وقد عرفت أن لفظة ‏"‏ له ‏"‏ ثابتة في نفس الخبر، فالمعنى على هذا أن عثمان كان ينقطع عن اللحاق بصاحبيه بسبب ما وقع له من تلك القضايا التي أنكروها فعبر عنها بانقطاع الحبل، ثم وقعت له الشهادة فاتصل بهم فعبر عنه بأن الحبل وصل له فاتصل فالتحق بهم، فلم يتم في تبيين الخطأ في التعبير المذكور ما توهمه المهلب‏.‏

والعجب من القاضي عياض فإنه قال في ‏"‏ الإكمال ‏"‏ قيل خطؤه في قوله ‏"‏ فيوصل له ‏"‏ وليس في الرؤيا إلا أنه يوصل وليس فيها ‏"‏ له ‏"‏ ولذلك لم يوصل لعثمان وإنما وصلت الخلافة لعلي، وموضع التعجب سكوته عن تعقب هذا الكلام مع كون هذه اللفظة وهي ‏"‏ له ‏"‏ ثابتة في صحيح مسلم الذي يتكلم عليه، ثم قال‏:‏ وقيل الخطأ هنا بمعنى الترك أي تركت بعضا لم تفسره‏.‏

وقال الإسماعيلي‏:‏ قيل السبب في قوله ‏"‏ وأخطأت بعضا ‏"‏ أن الرجل لما قص على النبي صلى الله عليه وسلم رؤياه كان النبي صلى الله عليه وسلم أحق بتعبيرها من غيره، فلما طلب تعبيرها‏؟‏ كان ذلك خطأ ففال ‏"‏ أخطأت بعضا ‏"‏ لهذا المعنى والمراد بقوله ‏"‏ قيل ‏"‏ ابن قتيبة فإنه القائل لذلك فقال‏:‏ إنما أخطأ في مبادرته بتفسيرها قبل أن يأمره به، ووافقه جماعة على ذلك، وتعقبه النووي تبعا لغيره فقال‏:‏ هذا فاسد، لأنه صلى الله عليه وسلم قد أذن له في ذلك وقال أعبرها ‏"‏ قلت‏:‏ مراد ابن قتيبة أنه لم يأذن له ابتداء بل بادر هو فسأل أن يأذن له في تعبيرها فأذن له فقال أخطأت في مبادرتك للسؤال أن تتولى تعبيرها، لا أنه أراد أخطأت في تعبيرك، لكن في إطلاق الخطأ على ذلك نظر لأنه خلاف ما يتبادر للسمع من جواب قوله ‏"‏ هل أصبت ‏"‏ فإن الظاهر أنه أراد الإصابة والخطأ في تعبيره لا لكونه التمس التعبير، ومن ثم قال ابن التين ومن بعده الأشبه‏.‏

بظاهر الحديث أن الخطأ في تأويل الرؤيا، أي أخطأت في بعض تأويلك، قلت ويؤيده تبويب البخاري حيث قال ‏"‏ من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب ‏"‏ ونقل ابن التين عن أبي محمد بن أبي زيد وأبي محمد الأصيلي والداودي نحو ما نقله الإسماعيلي ولفظهم‏:‏ أخطأ في سؤاله أن يعبرها، وفي تعبيره لها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقال ابن هبيرة‏:‏ إنما كان الخطأ لكونه أقسم ليعبرنها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان الخطأ في التعبير لم يقره عليه‏.‏

وأما قوله ‏"‏ لا تقسم ‏"‏ فمعناه أنك إذا تفكرت فيما أخطأت به علمته‏.‏

قال‏:‏ والذي يظهر أن أبا بكر أراد أن يعبرها فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقوله فيعرف أبو بكر بذلك علم نفسه لتقرير رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال ابن التين وقيل أخطأ لكون المذكور في الرؤيا شيئين العسل والسمن ففسرهما بشيء واحد، وكان ينبغي أن يفسرهما بالقرآن والسنة، ذكر ذلك عن الطحاوي‏.‏

قلت‏:‏ وحكاه الخطيب عن أهل العلم بالتعبير، وجزم به ابن العربي‏.‏

فقال‏:‏ قالوا هنا وهم أبو بكر فإنه جعل السمن والعسل معنى واحدا وهما معنيان القرآن والسنة‏.‏

قال‏:‏ ويحتمل أن يكون السمن والعسل العلم والعمل، ويحتمل أن يكونا الفهم والحفظ، وأيد ابن الجوزي ما نسب للطحاوي بما أخرجه أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال ‏"‏ رأيت فيما يرى النائم كأن في إحدى إصبعي سمنا وفي الأخرى عسلا فألعقهما، فلما أصبحت ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ تقرأ الكتابين التوراة والفرقان فكان يقرؤهما‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ ففسر العسل بشيء والسمن بشيء، قال النووي‏:‏ قيل إنما لم يبر النبي صلى الله عليه وسلم قسم أبي بكر لأن إبرار القسم مخصوص بما إذا لم يكن هناك مفسدة ولا مشقة ظاهرة فإن وجد ذلك فلا إبرار، ولعل المفسدة في ذلك ما علمه من سبب انقطاع السبب بعثمان وهو قتله وتلك الحروب والفتن المترتبة عليه فكره ذكرها خوف شيوعها، ويحتمل أن يكون سبب ذلك أنه لو ذكر له السبب للزم منه أن يوبخه بين الناس لمبادرته، ويحتمل أن يكون خطؤه في ترك تعيين الرجال المذكورين، فلو أبر قسمه للزم أن يعينهم ولم يؤمر بذلك إذ لو عينهم لكان نصا على خلافتهم، وقد سبقت مشيئة الله أن الخلافة تكون على هذا الوجه فترك تعيينهم خشية أن يقع في ذلك مفسدة‏.‏

وقيل هو علم غيب فجاز أن يختص به ويخفيه عن غيره، وقيل المراد بقوله أخطأت وأصبت أن تعبير الرؤيا مرجعه الظن، والظن يخطئ ويصيب، وقيل لما أراد الاستبداد ولم يصبر حتى يفاد جاز منعه ما يستفاد فكان المنع كالتأديب له على ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وجميع ما تقدم من لفظ الخطأ والتوهم والتأديب وغيرهما إنما أحكيه عن قائله ولست راضيا بإطلاقه في حق الصديق، وقيل الخطأ في خلع عثمان لأنه في المنام رأى أنه آخذ بالسبب فانقطع به وذلك يدل على انخلاعه بنفسه، وتفسير أبي بكر بأنه يأخذ به رجل فينقطع به ثم يوصل له، وعثمان قد قتل قهرا ولم يخلع نفسه فالصواب أن يحمل وصله على ولاية غيره، وقيل يحتمل أن يكون ترك إبرار القسم لما يدخل في النفوس لا سيما من الذي انقطع في يده السبب وإن كان وصل، رقد اختلف في تفسير قوله ‏"‏ فقطع ‏"‏ فقيل معناه قتل، وأنكره القاضي أبو بكر بن العربي‏.‏

فقال‏:‏ ليس معنى قطع قتل إذ لو كان كذلك لشاركه عمر، لكن قتل عمر لم يكن بسبب العلو بل بجهة عداوة مخصوصة وقتل عثمان كان من الجهة التي علا بها وهي الولاية فلذلك جعل قتله قطعا قال‏:‏ وقوله ‏"‏ ثم وصل ‏"‏ يعني بولاية علي فكان الحبل موصولا ولكن لم ير فيه علوا، كذا قال، وقد تقدم البحث في ذلك ووقع في ‏"‏ تنقيح الزركشي ‏"‏ ما نصه‏:‏ والذي انقطع به ووصل له هو عمر، لأنه لما قتل وصل له بأهل الشورى وبعثمان، كذا قال‏:‏ وهو مبني على أن المذكور في الخبر من الرجال بعد النبي صلى الله عليه وسلم اثنان فقط، وهو اختصار من بعض الرواة‏.‏

وإلا فعند الجمهور ثلاثة، وعلى ذلك شرح من تقدم ذكره والله أعلم‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ وقوله ‏"‏ أخطأت بعضا ‏"‏ اختلف في تعين الخطأ فقيل‏:‏ وجه الخطأ تسوره على التعبير من غير استئذان واحتمله النبي صلى الله عليه وسلم لمكانه منه، قلت‏:‏ تقدم البحث فيه قال‏:‏ وقيل أخطأ لقسمه عليه، وقيل لجعله السمن والعسل معنى واحدا وهما معنيان وأيدوه بأنه قال أخطأت بعضا وأصبت بعضا ولو كان الخطأ في التقديم في اليسار أو في اليمين لما قال ذلك لأنه ليس من الرؤيا‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ الإشارة في قوله ‏"‏ أصبت وأخطأت ‏"‏ لتعبيره الرؤيا‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ بل هذا لا يلزم لأنه يصح أن يريد به أخطأت في بعض ما جرى وأصبت في البعض، ثم قال ابن العربي‏:‏ وأخبرني أبي أنه قيل وجه الخطأ أن الصواب في التعبير أن الرسول هو الظلة والسمن والعسل القرآن والسنة، وقيل‏:‏ وجه الخطأ أنه جعل السبب الحق عثمان لم ينقطع به الحق، وإنما الحق أن الولاية كانت بالنبوة ثم صارت بالخلافة فاتصلت لأبي بكر ولعمر ثم انقطعت بعثمان لما كان ظن به ثم صحت براءته فأعلاه الله ولحق بأصحابه‏.‏

قال‏:‏ وسألت بعض الشيوخ العارفين عن تعيين الوجه الذي أخطأ فيه أبو بكر فقال‏:‏ من الذي يعرفه ‏"‏ ولئن كان تقدم أبي بكر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم للتعبير خطأ فالتقدم بين يدي أبي بكر لتعيين خطئه أعظم وأعظم، فالذي يقتضيه الدين والحزم الكف عن ذلك‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ إنما أقدموا علي تبين ذلك مع كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يبينه لأنه كان يلزم من تبيينه مفسدة إذ ذاك فزالت بعده، مع أن جميع ما ذكروه إنما هو بطريق الاحتمال ولا جزم في شيء من ذلك‏.‏

وفي الحديث من الفوائد أن الرؤيا ليست لأول عابر كما تقدم تقريره، لكن قال إبراهيم بن عبد الله الكرماني‏:‏ المعبر لا يغير الرؤيا عن وجهها عبارة عابر ولا غيره، وكيف يستطيع مخلوق أن يغير ما كانت نسخته من أم الكتاب، غير أنه يستحب لمن لم يتدرب في علم التأويل أن لا يتعرض لما سبق إليه من لا يشك في أمانته ودينه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا مبنى على تسليم أن المرائي تنسخ من أم الكتاب على وفق ما يعبرها العارف، وما المانع أنها تنسخ على وفق ما يعبرها أول عابر، وأنه لا يستحب إبرار القسم إذا كان فيه مفسدة‏.‏

وفيه أن من قال أقسم لا كفارة عليه، لأن أبا بكر لم يزد على قوله ‏"‏ أقسمت ‏"‏ كذا قاله عياض، ورده النووي بأن الذي في جميع نسخ صحيح مسلم أنه قال ‏"‏ فوالله يا رسول الله لتحدثني ‏"‏ وهذا صريح يمين‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدم البحث في ذلك في كتاب الأيمان والنذور‏.‏

قال ابن التين‏:‏ فيه أن الأمر بإبرار القسم خاص بما يجوز الإطلاع عليه، ومن ثم لم يبر قسم أبي بكر لكونه سأل ما لا يجوز الإطلاع عليه لكل أحد‏.‏

قلت‏:‏ فيحتمل أن يكون منعه ذلك لما سأله جهارا وأن يكون أعلمه بذلك سرا‏.‏

وفيه الحث على تعليم علم الرؤيا وعلى تعبيرها وترك إغفال السؤال عنه، وفضيلتها لما تشتمل عليه من الإطلاع على بعض الغيب وأسرار الكائنات قال ابن هبيرة‏:‏ وفي السؤال من أبي بكر أولا وآخرا وجواب النبي صلى الله عليه وسلم دلالة على انبساط أبي بكر معه وإدلاله عليه‏.‏

وفيه أنه لا يعبر الرؤيا إلا عالم ناصح أمين حبيب وفيه أن العابر قد يخطئ وقد يصيب، وأن للعالم بالتعبير أن يسكت عن تعبير الرؤيا أو بعضها عند رجحان الكتمان على الذكر‏.‏

قال المهلب‏:‏ ومحله إذا كان في ذلك عموم، فأما لو كانت مخصوصة بواحد مثلا فلا بأس أن يخبره ليعد الصبر ويكون على أهبة من نزول الحادثة‏.‏

وفيه جواز إظهار العالم ما يحسن من العلم إذا خلصت نيته وأمن العجب، وكلام العالم بالعلم بحضرة من هو أعلم منه إذا أذن له في ذلك صريحا أو ما قام مقامه، ويؤخذ منه جواز مثله في الإفتاء والحكم، وأن للتلميذ أن يقسم على معلمه أن يفيده الحكم‏.‏

*3*باب تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح‏)‏ فيه إشارة إلى ضعف ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن سعيد بن عبد الرحمن عن بعض عملائهم قال‏:‏ لا تقصص رؤياك على امرأة ولا تخبر بها حتى تطلع الشمس‏.‏

وفيه إشارة إلى الرد على من قال من أهل التعبير إن المستحب أن يكون تعبير الرؤيا بعد طلوع الشمس إلى الرابعة ومن العصر إلى قبل المغرب، فإن الحديث دال على استحباب تعبيرها قبل طلوع الشمس، ولا يخالف قولهم بكراهة تعبيرها في أوقات كراهة الصلاة‏.‏

قال المهلب‏:‏ تعبير الرؤيا عند صلاة الصبح أولى من غيره من الأوقات لحفظ صاحبها لها لقرب عهده بها وقبل ما يعرض له نسيانها، ولحضور ذهن العابر وقلة شغله بالفكرة فيما يتعلق بمعاشه وليعرف الرائي ما يعرض له بسبب رؤيا فيستبشر بالخير ويحذر من الشر ويتأهب لذلك، فربما كان في الرؤيا تحذير عن معصية فيكف عنها، وربما كانت إنذارا لأمر فيكون له مترقبا، قال‏:‏ فهذه عدة فوائد لتعبير الرؤيا أول النهار انتهى ملخصا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي انْطَلِقْ وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ فَيَشُقُّ قَالَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلَاءِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيْ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا مَا هَؤُلَاءِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ قَالَ قَالَا لِي ارْقَ فِيهَا قَالَ فَارْتَقَيْنَا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ قَالَ قَالَا لَهُمْ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ قَالَ وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَ قَالَا لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَ فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ

قَالَ قَالَا لِي هَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ قَالَا أَمَّا الْآنَ فَلَا وَأَنْتَ دَاخِلَهُ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ قَالَا لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثنا‏)‏ في رواية غير أبي ذر ‏"‏ حدثني‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏مؤمل‏)‏ بوزن محمد مهموز ‏(‏ابن هشام أبو هاشم‏)‏ كذا لأبي ذر عن بعض مشايخه وقال‏:‏ الصواب أبو هشام وكذا هو عند غير أبي ذر، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وكان صهر إسماعيل شيخه في هذا الحديث على ابنته، ولم يخرج عنه البخاري عن غير إسماعيل، وقد أخرج البخاري عنه هذا الحديث هنا تاما‏.‏

وأخرج في الصلاة قبل الجمعة وفي أحاديث الأنبياء وفي التفسير عنه بهذا السند أطرافا، وأخرجه أيضا تاما في أواخر كتاب الجنائز عن موسى بن إسماعيل عن جرير بن حازم عن أبي رجاء‏.‏

وأخرج في الصلاة وفي التهجد وفي البيوع وفي بدء الخلق وفي الجهاد وفي أحاديث الأنبياء وفي الأدب عنه منه بالسند المذكور أطرافا‏.‏

وأخرج مسلم قطعة من أوله من طريق جرير بن حازم، وأخرجه أحمد عن يزيد بن هارون عن جرير بتمامه، وأخرجه أيضا عن محمد بن جعفر غندر عنه عن عوف بتمامه‏.‏

قوله ‏(‏حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‏)‏ هو الذي يقال له ابن علية، وشيخه عوف هو الأعرابي وأبو رجاء هو العطاردي واسمه عمران، والسند كله بصريون‏.‏

قوله ‏(‏كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مما يكثر أن يقول لأصحابه‏)‏ كذا لأبي ذر عن الكشميهني، وله عن غيره بإسقاط ‏"‏ يعني ‏"‏ وكذا وقع عند الباقين‏.‏

وفي رواية النسفي وكذا في رواية محمد ابن جعفر ‏"‏ مما يقول لأصحابه ‏"‏ وقد تقدم في بدء الوحي ما نقل ابن مالك أنها بمعنى ‏"‏ مما يكثر ‏"‏ قال الطيبي قوله مما يكثر خبر كان وما موصولة ويكثر صلته والضمير الراجع إلى ما فاعل يقول وأن يقول فاعل يكثر وهل رأى أحد منكم هو المقول أي رسول الله كائنا من النفر الذين كثر منهم هذا القول، فوضع ما موضع من تفخيما وتعظيما لجانبه، وتحريره كان رسول الله يجيد تعبير الرؤيا، وكان له مشارك في ذلك منهم، لأن الإكثار من هذا القول لا يصدر إلا ممن تدرب فيه ووثق بإصابته كقولك كان زيد من العلماء بالنحو ومنه قول صاحبي السجن ليوسف عليه السلام ‏(‏نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين‏)‏ أي من المجيدين في عبارة الرؤيا، وعلماء ذلك مما رأياه منه، هذا من حيث البيان، وأما من حيث النحو فيحتمل أن يكون قوله ‏"‏ هل رأى أحد منكم رؤيا ‏"‏ مبتدأ والخبر مقدم عليه على تأويل هذا القول مما يكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوله، ثم أشار إلى ترجيح الوجه السابق والمتبادر هو الثاني وهو الذي اتفق عليه أكثر الشارحين‏.‏

قوله ‏(‏فيقص‏)‏ بضم أوله وفتح القاف‏.‏

قوله ‏(‏ما شاء الله‏)‏ في رواية يزيد ‏"‏ فيقص عليه من شاء الله ‏"‏ وهو بفتح أوله وضم القاف وهي رواية النسفي، و ‏"‏ ما ‏"‏ في الرواية الأولى للمقصوص و ‏"‏ من ‏"‏ في الثانية للقاص، ووقع في رواية جرير بن حازم ‏"‏ فسأل يوما فقال‏:‏ هل رأى أحد رؤيا‏؟‏ قلنا‏:‏ لا قال‏:‏ لكن رأيت الليلة ‏"‏ قال الطيبي‏:‏ وجه الاستدراك أنه يحب أن يعبر لهم الرؤيا، فلما قالوا ما رأينا شيئا كأنه قال‏:‏ أنتم ما رأيتم شيئا لكني رأيت‏.‏

وفي رواية أبي خلدة بفتح المعجمة وسكون اللام واسمه خالد بن دينار عن أبي رجاه عن سمرة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد يوما فقال‏:‏ هل رأى أحد منكم رؤيا فليحدث بها، فلم يحدث أحد بشيء فقال‏:‏ إني رأيت رؤيا فاسمعوا مني ‏"‏ أخرجه أبو عوانة‏.‏

قوله ‏(‏وإنه قال لنا ذات غداة‏)‏ لفظ ‏"‏ ذات ‏"‏ زائد أو هو من إضافة الشيء إلى اسمه‏.‏

وفي رواية جرير ابن حازم عنه ‏"‏ كان إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه ‏"‏ وفي رواية يزيد بن هارون عنه ‏"‏ إذا صلى صلاة الغداة ‏"‏ وفي رواية وهب بن جرير عن أبيه عند مسلم ‏"‏ إذا صلى الصبح ‏"‏ وبه تظهر مناسبة الترجمة وذكر ابن أبي حاتم من طريق زيد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده عن علي قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة الفجر فجلس ‏"‏ الحديث بطوله نحو حديث سمرة، والراوي له عن زيد ضعيف‏.‏

وأخرج أبو داود والنسائي من حديث الأعرج عن أبي هريرة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول‏:‏ هل رأى أحد الليلة رؤيا ‏"‏ وأخرج الطبراني بسند جيد عن أبي أمامة قال ‏"‏ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح فقال‏:‏ إني رأيت الليلة رؤيا هي حق فاعقلوها ‏"‏ فذكر حديثا فيه أشياء يشبه بعضها ما في حديث سمرة، لكن يظهر من سياقه أنه حديث آخر، فإن في أوله ‏"‏ أتاني رجل فأخذ بيدي فاستتبعني حتى أتى جبلا طويلا وعرا فقال لي‏:‏ ارقه، فقلت‏:‏ لا أستطيع، فقال‏.‏

إني سأسهله لك فجعلت كلما وضعت قدمي وضعتها على درجه حتى استويت على سواء الجبل، ثم انطلقنا فإذا نحن برجال ونساء مشققة أشداقهم، فقلت‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ قال‏:‏ الذين يقولون ما لا يعلمون ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله ‏(‏إنه أتاني الليلة‏)‏ بالنصب‏.‏

قوله ‏(‏آتيان‏)‏ في رواية هوذة عن عوف عند ابن أبي شيبة ‏"‏ اثنان أو آتيان ‏"‏ بالشك وفي رواية جرير ‏"‏ رأيت رجلين أتياني ‏"‏ وفي حديث علي ‏"‏ رأيت ملكين ‏"‏ وسيأتي في آخر الحديث أنهما ‏"‏ جبريل وميكائيل‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وإنهما ابتعثاني‏)‏ بموحدة ثم مثناة وبعد العين المهملة مثلثة كذا للأكثر‏.‏

وفي رواية الكشميهني بنون ثم موحدة ومعنى ابتعثاني أرسلاني، كذا قال في الصحاح بعثه وابتعثه أرسلته، يقال ابتعثه إذا أثاره وأذهبه‏.‏

وقال ابن هبيرة‏.‏

معنى ابتعثاني أيقظاني، ويحتمل أن يكون رأى في المنام أنهما أيقظاه فرأى ما رأى في المنام ووصفه بعد أن أفاق على أن منامه كاليقظة، لكن لما رأى مثالا كشفه التعبير دل على أنه كان مناما‏.‏

قوله ‏(‏وإني انطلقت معهما‏)‏ زاد جرير بن حازم في روايته ‏"‏ إلى الأرض المقدسة ‏"‏ وعند أحمد إلى أرض فضاء أو أرض مستوية، وفي حديث علي ‏"‏ فانطلقا بي إلى السماء‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وإنا أتينا على رجل مضطجع‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ مستلق على قفاه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وإذا آخر قائم عليه بصخرة‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ بفهر أو صخرة‏"‏، وفي حديث على ‏"‏ فمررت على ملك وأمامه آدمي وبيد الملك صخرة يضرب بها هامة الآدمي‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏يهوي‏)‏ بفتح أوله وكسر الواو أي يسقط، يقال هوى بالفتح يهوى هويا سقط إلى أسفل، وضبطه ابن التين بضم أوله من الرباعي، ويقال أهوى من بعد وهوى بفتح الواو من قرب‏.‏

قوله ‏(‏بالصخرة لرأسه فيثلغ‏)‏ بفتح أوله وسكون المثلثة وفتح اللام بعدها غين معجمة أي يشدخه، وقد وقع في رواية جرير ‏"‏ فيشدخ ‏"‏ والشدخ كسر الشيء الأجوف‏.‏

قوله ‏(‏فيتدهده الحجر‏)‏ بفتح المهملتين بينهما هاء ساكنة‏.‏

وفي رواية الكشميهني فيتدأدأ بهمزتين بدل الهاءين‏.‏

وفي رواية النسفي وكذا هو في رواية جرير بن حازم ‏"‏ فيتدهدأ ‏"‏ بهاء ثم همزة وكل بمعنى‏.‏

والمراد أنه دفعه من علو إلى أسفل، وتدهده إذا انحط، والهمزة تبدل من الهاء كثيرا وتدأدأ تدحرج وهو بمعناه‏.‏

قوله ‏(‏هاهنا‏)‏ أي إلى جهة الضارب‏.‏

قوله ‏(‏فيتبع الحجر‏)‏ أي الذي رمى به ‏(‏فيأخذه‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ فإذا ذهب ليأخذه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فلا يرجع إليه‏)‏ أي إلى الذي شدخ رأسه‏.‏

قوله ‏(‏حتى يصح رأسه‏)‏ في رواية جرير حتى ‏"‏ يلتئم ‏"‏ وعند أحمد ‏"‏ عاد رأسه كما كان ‏"‏ وفي حديث علي فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة جانبا‏.‏

قوله ‏(‏ثم يعود عليه‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ فيعود إليه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏مثل ما فعل به مرة الأولى‏)‏ كذا لأبي ذر والنسفي ولغيرهما وكذا في رواية النضر بن شميل عن عوف عند أبي عوانة ‏"‏ المرة الأولى ‏"‏ وهو المراد بالرواية الأخرى وفي رواية جرير ‏"‏ فيصنع مثل ذلك ‏"‏ قال ابن العربي‏:‏ جعلت العقوبة في رأس هذه النومة عن الصلاة والنوم موضعه الرأس‏.‏

قوله ‏(‏انطلق انطلق‏)‏ كذا في المواضع كلها بالتكرير، وسقط في بعضها التكرار لبعضهم، وأما في رواية جرير فليس فيها سبحان الله وفيها ‏"‏ انطلق ‏"‏ مرة واحدة‏.‏

قوله ‏(‏فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد‏)‏ تقدم في الجنائز ضبط الكلوب وبيان الاختلاف فيه، ووقع في حديث علي ‏"‏ فإذا أنا بملك وأمامه آدمي‏.‏

وبيد الملك كلوب من حديد فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله ‏(‏فيشرشر شدقه إلى قفاه‏)‏ أي يقطعه شقا، والشدق جانب الفم‏.‏

وفي رواية جرير ‏"‏ فيدخله في شقه فيشقه حتى يبلغ قفاه‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏ومنخره‏)‏ كذا بالإفراد وهو المناسب‏.‏

وفي رواية جرير ‏"‏ ومنخريه ‏"‏ بالتثنية‏.‏

قوله ‏(‏قال وربما قال أبو رجاء فيشق‏)‏ أي بدل فيشرشر، وهذه الزيادة ليست عند محمد بن جعفر‏.‏

قوله ‏(‏ثم يتحول إلى الجانب الآخر إلخ‏)‏ اختصره في رواية جرير بن حازم ولفظه ‏"‏ ثم يخرجه، فيدخله في شقه الآخر ويلتئم هذا الشق فهو يفعل ذلك به ‏"‏ قال ابن العربي‏:‏ شرشرة شدق الكاذب إنزال العقوبة بمحل المعصية، وعلى هذا تجرى العقوبة في الآخرة بخلاف الدنيا‏.‏

ووقعت هذه القصة مقدمة في رواية جرير على قصة الذي يشدخ رأسه‏.‏

قال الكرماني‏:‏ الواو لا ترتب، والاختلاف في كونه مستلقيا وفي الأخرى مضطجعا والآخر كان جالسا وفي الأخرى قائما يحمل على اختلاف حال كل منهما‏.‏

قوله ‏(‏فأتينا على مثل التنور‏)‏ في رواية محمد بن جعفر ‏"‏ مثل بناء التنور ‏"‏ زاد جرير ‏"‏ أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نارا ‏"‏ كذا فيه بالنصب ووقع في رواية أحمد ‏"‏ تتوقد تحته نار ‏"‏ بالرفع وهي رواية أبي ذر وعليها اقتصر الحميدي في جمعه وهو واضح‏.‏

وقال ابن مالك في كلامه على مواضع من البخاري ‏"‏ يوقد تحته نارا ‏"‏ بالنصب على التمييز وأسند يوقد إلى ضمير عائد على النقب كقولك مررت بامرأة يتضوع من أردانها طيبا والتقدير يتضوع طيب من أردانها، فكأنه قال‏:‏ توقد ناره تحته فيصح نصب نارا على التمييز ‏"‏ قال ويجوز أن يكون فاعل توقد موصولا بتحته فحذف وبقيت صلته دالة عليه لوضوح المعنى، والتقدير يتوقد الذي تحته نارا وهو على التمييز أيضا، وذكر لحذف الموصول في مثل هذا عدة شواهد‏.‏

قوله ‏(‏وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ ثقب قد بنى بناء التنور وفيه رجال ونساء‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا‏)‏ بغير همزة للأكثر وحكى الهمز أي رفعوا أصواتهم مختلطة ومنهم من سهل الهمزة، قال في النهاية‏:‏ الضوضاة أصوات الناس ولغطهم وكذا الضوضى بلا هاء مقصور‏.‏

وقال الحميدي‏:‏ المصدر بغير همز، وفي روية جرير ‏"‏ فإذا اقتربت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا ‏"‏ وعند أحمد ‏"‏ فإذا أوقدت ‏"‏ بدل ‏"‏ اقتربت‏)‏ ‏.‏

قوله ‏(‏فأتينا على نهر حسبت أنه كان يقول أحمر مثل الدم‏)‏ في رواية جرير بن حازم ‏"‏ على نهر من دم ‏"‏ ولم يقل حسبت‏.‏

قوله ‏(‏سابح يسبح‏)‏ بفتح أوله وسكون المهملة بعدها موحدة مفتوحة ثم حاء مهملة أي يعوم‏.‏

قوله ‏(‏سبح ما سبح‏)‏ بفتحتين والموحدة خفيفة‏.‏

قوله ‏(‏ثم يأتي ذلك الذي‏)‏ فاعل ‏"‏ يأتي ‏"‏ هو السابح‏.‏

وذلك في موضع نصب على المفعولية‏.‏

قوله ‏(‏فيفغر‏)‏ بفتح أوله وسكون الفاء وفتح الغين المعجمة بعدها راء أي يفتحه وزنه ومعناه‏.‏

قوله ‏(‏كلما رجع إليه‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ كما رجع إليه ففغر له فاه ‏"‏ ووقع في رواية جرير بن حازم ‏"‏ فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه ورده حيث كان ‏"‏ ويجمع بين الروايتين أنه إذا أراد أن يخرج فغر فاه وأنه يلقمه الحجر يرميه إياه‏.‏

قوله ‏(‏كريه المرآة‏)‏ بفتح الميم وسكون الراء وهمزة ممدودة بعدها هاء تأنيث، قال ابن التين‏:‏ أصله المرأية تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا وزنه مفعلة‏.‏

قوله ‏(‏كأكره ما أنت راء رجلا مرآة‏)‏ بفتح الميم أي قبيح المنظر‏.‏

قوله ‏(‏فإذا عنده نار‏)‏ في رواية يحيى بن سعيد القطان عن عوف عند الإسماعيلي ‏"‏ عند نار‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏يحشها‏)‏ بفتح أوله وبضم الحاء المهملة وتشديد الشين المعجمة من، الثلاثي، وحكى في المطالع ضم أوله من الرباعي‏.‏

وفي رواية جرير بن حازم ‏"‏ يحششها ‏"‏ بسكون الحاء وضم الشين المعجمة المكررة‏.‏

قوله ‏(‏ويسعى حولها‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ ويوقدها ‏"‏ وهو تفسير يحشها قال الجوهري‏:‏ حششت النار أحشها حشا أو قدتها‏.‏

وقال في التهذيب‏:‏ حششت النار بالحطب ضممت ما تفرق من الحطب إلى النار‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ حش ناره حركها‏.‏

قوله ‏(‏فأتينا على روضة معتمة‏)‏ بضم الميم وسكون المهملة وكسر المثناة وتخفيف الميم بعدها هاء تأنيث، ولبعضهم بفتح المثناة وتشديد الميم يقال أعتم البيت إذا اكتهل ونخلة عتيمة طويلة‏.‏

وقال الداودي أعتمت الروضة غطاها الخصب، وهذا كله على الرواية بتشديد الميم، قال ابن التين‏:‏ ولا يظهر‏:‏ للتخفيف وجه قلت‏:‏ الذي يظهر أنه من العتمة وهو شدة الظلام فوصفها بشدة الخضرة كقوله تعالى ‏(‏مدهامتان‏)‏ وضبط ابن بطال روضة مغنمة بكسر الغين المعجمة وتشديد النون، ثم نقل عن ابن دريد‏:‏ واد أغن ومغن إذا كثر شجره‏.‏

وقال الخليل‏:‏ روضة غناء كثيرة العشب‏.‏

وفي رواية جرير بن حازم ‏"‏ روضة خضراء وإذا فيها شجرة عظيمة‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏من كل لون الربيع‏)‏ كذا للأكثر‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ نور ‏"‏ بفتح النون وبراء بدل ‏"‏ لون ‏"‏ وهي رواية النضر بن شميل عند أبي عوانة، والنور بالفتح الزهر‏.‏

قوله ‏(‏وإذا بين ظهري الروضة‏)‏ بفتح الراء وكسر الياء التحتانية تثنية ظهر‏.‏

وفي رواية يحيي بن سعيد ‏"‏ بين ظهراني ‏"‏ وهما بمعنى والمراد وسطها‏.‏

قوله ‏(‏رجل طويل‏)‏ زاد النضر ‏"‏ قائم‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏لا أكاد أرى رأسه طولا‏)‏ بالنصب على التمييز، قوله ‏(‏وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط‏)‏ قال الطيبي‏:‏ أصل هذا الكلام وإذا حول الرجل ولدان ما رأيت ولدانا قط أكثر منهم، ونظيره‏.‏

قوله بعد ذلك ‏"‏ لم أر روضة قط أعظم منها ‏"‏ ولما إن كان هذا التركيب يتضمن معنى النفي جازت زيادة ‏"‏ من وقط ‏"‏ التي تختص بالماضي المنفي وقال ابن مالك جاز استعمال قط في المثبت في هذه الرواية وهو جائز وغفل أكثرهم عن ذلك فخصوه بالماضي المنفي‏.‏

قلت‏:‏ والذي وجهه به الطيبي حسن جدا، ووجهه الكرماني بأنه يجوز أن يكون اكتفى بالنفي الذي يلزم من التركيب إذ المعنى‏:‏ ما رأيتهم أكثر من ذلك، أو النفي مقدر‏.‏

وسبق نظيره في قوله في صلاة الكسوف ‏"‏ فصلى بأطول قيام رأيته قط‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فقلت لهما ما هؤلاء‏)‏ في بعض الطرق ‏"‏ ما هذا ‏"‏ وعليها شرح الطيبي‏.‏

قوله ‏(‏فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة قط أعظم منها ولا أحسن، قال قالا لي‏:‏ ارق فارتقيت فيها‏)‏ في رواية أحمد والنسائي وأبي عوانة والإسماعيلي ‏"‏ إلى دوحة ‏"‏ بدل ‏"‏ روضة ‏"‏ والدوحة الشجرة الكبيرة، وفيه ‏"‏ فصعدا بي في الشجرة ‏"‏ وهي التي تناسب الرقي والصعود‏.‏

قوله ‏(‏فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة‏)‏ اللبن بفتح، اللام وكسر الموحدة جمع لبنة وأصلها ما يبني به من طين وفي رواية جرير بن حازم ‏"‏ فأدخلاني دارا لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وفتيان‏.‏

ثم أخرجاني منها فأدخلاني دارا‏.‏

هي أحسن منها‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم‏)‏ بفتح الخاء وسكون اللام بعدها قاف أي هيئتهم، وقوله شطر مبتدأ وكأحسن الخبر والكاف زائدة والجملة صفة رجال، وهذا الإطلاق يحتمل أن يكون المراد أن نصفهم حسن كله ونصفهم قبيح كله، ويحتمل أن يكون كل واحد منهم نصفه حسن ونصفه قبيح، والثاني هو المراد، ويؤيده قولهم في صفته ‏"‏ هؤلاء قوم خلطوا ‏"‏ أي عمل كل منهم عملا صالحا وخلطه‏.‏

بعمل سيء‏.‏

قوله ‏(‏فقعوا في ذلك النهر‏)‏ بصيغة فعل الأمر بالوقوع، والمراد أنهم ينغمسون فيه ليغسل تلك الصفة بهذا الماء الخاص‏.‏

قوله ‏(‏نهر معترض‏)‏ أي يجرى عرضا‏.‏

قوله ‏(‏كأن ماءه المحض‏)‏ بفتح الميم وسكون المهملة بعدها ضاد معجمة هو اللبن الخالص عن الماء حلوا كان أو حامضا، وقد بين جهة التشبيه بقوله ‏"‏ من البياض ‏"‏ وفي رواية النسفي والإسماعيلي ‏"‏ في البياض ‏"‏ قال الطيبي‏.‏

كأنهم سموا اللبن بالصفة ثم استعمل في كل صاف قال‏:‏ ويحتمل أن يراد بالماء المذكور عفو الله عنهم أو التوبة منهم كما في الحديث ‏"‏ اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏ذهب ذلك السوء عنهم‏)‏ أي صار القبيح كالشطر الحسن، فذلك قال‏:‏ وصاروا في أحسن صورة‏.‏

قوله ‏(‏قالا لي هذه جنة عدن‏)‏ يعني المدينة‏.‏

قوله ‏(‏فسما‏)‏ بفتح السين المهملة وتخفيف الميم أي نظر إلى فوق، و قوله ‏(‏صعدا‏)‏ بضم المهملتين أي ارتفع كثرا ‏"‏ وضبطه ابن التين بفتح العين واستبعد ضمها‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏مثل الربابة‏)‏ بفتح الراء وتخفيف الموحدتين المفتوحتين وهي السحابة البيضاء، ويقال لكل سحابة منفردة دون السحاب ولو لم تكن بيضاء‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ الربابة السحابة التي ركب بعضها على بعض‏.‏

وفي رواية جرير‏.‏

‏"‏ فرفعت رأسي فإذا هو في السحاب‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏ذراني فأدخله، قالا‏:‏ أما الآن فلا وأنت داخله‏)‏ في رواية جرير بن حازم ‏"‏ فقلت دعاني أدخل منزلي، قالا‏:‏ أنه بقي لك عمر لم تستكمله، ولو استكملته أتيت منزلك‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فإني قد رأيت منذ الليلة عجبا فما هذا الذي رأيت، قال قالا أما‏)‏ بتخفيف الميم ‏(‏إنا سنخبرك‏)‏ في رواية جرير، فقلت طوفتما بي الليلة ‏"‏ وهي بموحدة ولبعضهم بنون ‏"‏ فأخبراني عما رأيت، قال نعم‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فيرفضه‏)‏ بكسر الفاء ويقال بضمها قال ابن هبيرة‏:‏ رفض القرآن بعد حفظه جناية‏.‏

عظيمة لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه فلما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس‏.‏

قوله ‏(‏وينام عن الصلاة المكتوبة‏)‏ هذا أوضح من رواية جرير بن حازم بلفظ ‏"‏ علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار ‏"‏ فإن ظاهره أنه يعذب على ترك قراءة القرآن بالليل، بخلاف رواية عوف فإنه على تركه الصلاة المكتوبة، ويحتمل أن يكون التعذيب على مجموع الأمرين ترك القراءة وترك العمل‏.‏

قوله ‏(‏يغدو من بيته‏)‏ أي يخرج منه مبكرا‏.‏

قوله ‏(‏فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق‏)‏ في رواية جرير بن حازم ‏"‏ فكذوب يحدث بالكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة ‏"‏ وفي رواية موسى بن إسماعيل في أواخر الجنائز ‏"‏ والرجل الذي رأيته يشق شدقه فكذاب ‏"‏ قال ابن مالك‏:‏ لا بد من جعل الموصوف الذي هنا للمعين كالعام حتى جاز دخول الفاء في خبره، أي المراد هو وأمثاله، كذا نقله الكرماني، ولفظ ابن مالك في هذا شاهد على أن الحكم قد يستحق بجزء العلة، وذلك أن المبتدأ لا يجوز دخول الفاء على خبره إلا إذا كان شبيها بمن الشرطية في العموم واستقبال ما يتم به المعنى، نحو الذي يأتيني فمكرم، لو كان المقصود بالذي معينا زالت مشابهته بمن وامتنع دخول الفاء على الخبر كما يمتنع دخولها على أخبار المبتدآت المقصود بها التعيين نحو زيد فمكرم لم يجز، فكذا الذي لا يجوز الذي يأتيني إذا قصدت به معينا، لكن الذي يبني عند قصد التعيين شبيه في اللفظ بالذي يأتيني عند قصد العموم فجاز دخول الفاء حملا للشبيه على الشبيه، ونظيره قوله تعالى ‏(‏وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله‏)‏ فإن مدلول ‏"‏ ما ‏"‏ معين ومدلول ‏"‏ أصابكم ‏"‏ ماض، إلا أنه روعي فيه التشبيه اللفظي لشبه هذه الآية بقوله تعالى ‏(‏وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم‏)‏ فأجرى ‏"‏ ما في ‏"‏ مصاحبة الفاء مجرى واحدا انتهى‏.‏

قال الطيبي‏:‏ هذا كلام متين، لكن جواب الملكين تفصيل لتلك الرؤيا المتعددة المبهمة لا بد من ذكر كلمة التفصيل أو تقديرها فالفاء جواب أما ثم قال‏:‏ والفاء في قوله ‏"‏ فأولاد الناس ‏"‏ جاز دخولها على الخبر لأن الجملة معطوفة على مدخول ‏"‏ أما ‏"‏ في قوله ‏"‏ أما الرجل ‏"‏ وقد تحذف الفاء في بعض المحذوفات نظرا إلى أن أما لما حذفت حذف مقتضاها وكلاهما جائز وبالله التوفيق‏.‏

وقوله تحمل بالتخفيف للأكثر ولبعضهم بالتشديد، وإنما استحق التعذيب لما ينشأ عن تلك الكذبة من المفاسد وهو فيها مختار غير مكره ولا ملجأ‏.‏

قال ابن هبيرة‏:‏ لما كان الكاذب يساعد أنفه وعينه لسانه على الكذب بترويج باطله وقعت المشاركة بينهم في العقوبة‏.‏

قوله ‏(‏في مثل بناء التنور‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ والذي رأيته في النقب‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فهم الزناة‏)‏ مناسبة العرى لهم لاستحقاقهم أن يفضحوا لأن عادتهم أن يستتروا في الخلوة فعوقبوا بالهتك، والحكمة في إتيان العذاب من تحتهم كون جنايتهم من أعضائهم السفلى‏.‏

قوله ‏(‏فإنه آكل الربا‏)‏ قال ابن هبيرة إنما عوقب آكل الربا بسباحته في النهر الأحمر وإلقامه الحجارة لأن أصل الربا يجرى في الذهب والذهب أحمر، وأما إلقام الملك له الحجر فإنه إشارة إلى أنه لا يغني عنه شيئا وكذلك الربا فإن صاحبه يتخيل أن ماله يزداد والله من ورائه محقه‏.‏

قوله ‏(‏الذي عند النار‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ عنده النار‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏خازن جهنم‏)‏ إنما كان كريه الرؤية لأن في ذلك زيادة في عذاب أهل النار‏.‏

قوله ‏(‏وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم‏)‏ في رواية جرير ‏"‏ والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم ‏"‏ وإنما اختص إبراهيم لأنه أبو المسلمين، قال تعالى ‏(‏ملة أبيكم إبراهيم‏)‏ وقال تعالى ‏(‏إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه‏)‏ الآية ‏(‏وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة‏)‏ في رواية النضر بن شميل ‏"‏ ولد على الفطرة ‏"‏ وهي أشبه بقوله في الرواية الأخرى ‏"‏ وأولاد المشركين ‏"‏ وفي رواية جرير ‏"‏ فأولاد الناس ‏"‏ لم أر ذلك إلا في هذه الطريق، ووقع في حديث أبي أمامة الذي نبهت عليه في أول شرح هذا الحديث ‏"‏ ثم انطلقنا فإذا نحن بجوار وغلمان يلعبون بين نهرين، فقلت ما هؤلاء قال‏:‏ ذرية المؤمنين‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فقال بعض المسلمين‏)‏ لم أقف على اسمه‏.‏

قوله ‏(‏وأولاد المشركين‏)‏ تقدم البحث فيه مستوفي في أواخر الجنائز وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم ألحقهم بأولاد المسلمين في حكم الآخرة ولا يعارض قوله‏:‏ هم من آبائهم لأن ذلك حكم الدنيا‏.‏

قوله ‏(‏وأما القوم الذين كانوا شطرا منهم حسن وشطرا منهم قبيح‏)‏ كذا في الموضعين بنصب شطرا ولغير أبي ذر ‏"‏ شطر ‏"‏ في الموضعين بالرفع وحسنا وقبيحا بالنصب ولكل وجه، وللنسفي والإسماعيلي بالرفع في الجميع، وعليه اقتصر الحميدي في جمعه و ‏"‏ كان ‏"‏ في هذه الرواية تامة والجملة حالية، وزاد جرير بن حازم في روايته ‏"‏ والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين وهذه الدار دار الشهداء وأنا جبريل وهذا ميكائيل ‏"‏ وفي حديث أبي أمامة ‏"‏ ثم انطلقنا فإذا نحن برجال ونساء أقبح شيء منظرا وأنتنه ريحا كأنما ريحهم المراحيض، قلت ما هؤلاء‏؟‏ قال‏:‏ هؤلاء الزواني والزناة‏.‏

ثم انطلقنا فإذا نحن بموتى أشد شيء انتفاخا وأنتنه ريحا، قلت‏:‏ ما هؤلاء قال‏:‏ هؤلاء موتى الكفار‏.‏

ثم انطلقنا فإذا نحن برجال نيام تحت ظلال الشجر، قلت‏:‏ ما هؤلاء‏؟‏ قال‏:‏ هؤلاء موتى المسلمين‏.‏

ثم انطلقنا فإذا نحن برجال أحسن شيء وجها وأطيبه ريحا، قلت‏:‏ ما هؤلاء‏؟‏ قال، هؤلاء الصديقون والشهداء والصالحون ‏"‏ الحديث‏.‏

وفي هذا الحديث من الفوائد أن الإسراء وقع مرارا يقظة ومناما على أنحاء شتى‏.‏

وفيه أن بعض العصاة يعذبون في البرزخ‏.‏

وفيه نوع من تلخيص العلم وهو أن يجمع القضايا جملة ثم يفسرها على الولاء ليجتمع تصورها في الذهن، والتحذير من النوم عن الصلاة المكتوبة، وعن رفض القرآن لمن يحفظه، وعن الزنا وأكل الربا وتعمد الكذب، وأن الذي له قصر في الجنة لا يقيم فيه وهو في الدنيا بل إذا مات، حتى النبي والشهيد‏.‏

وفيه الحث على طلب العلم واتباع من يلتمس منه ذلك‏.‏

وفيه فضل الشهداء وأن منازلهم في الجنة أرفع المنازل، ولا يلزم من ذلك أن يكونوا أرفع درجة من إبراهيم عليه السلام لاحتمال أن إقامته‏.‏

هناك بسبب كفالته الولدان، ومنزله هو في المنزلة التي هي أعلى من منازل الشهداء كما تقدم في الإسراء أنه رأى آدم في السماء الدنيا، وإنما كان كذلك لكونه يرى نسم بنيه من أهل الخير ومن أهل الشر فيضحك ويبكي مع أن منزلته هو في عليين، فإذا كان يوم القيامة استقر كل منهم في منزلته‏.‏

وفيه أن من استوت حسناته وسيئاته يتجاوز الله عنهم، اللهم تجاوز عنا برحمتك يا أرحم الراحمين‏.‏

وفيه أن الاهتمام بأمر الرؤيا بالسؤال عنها وفضل تعبيرها واستحباب ذلك بعد صلاة الصبح لأنه الوقت الذي يكون فيه البال مجتمعا‏.‏

وفيه استقبال الإمام أصحابه بعد الصلاة إذا لم يكن بعدها راتبة وأراد أن يعظهم أو يفتيهم أو يحكم بينهم‏.‏

وفيه أن ترك استقبال القبلة للإقبال عليهم لا يكره بل يشرع كالخطيب‏.‏

قال الكرماني‏:‏ مناسبة العقوبات المذكورة فيه للجنايات ظاهرة إلا الزناة ففيها خفاء، وبيانه أن العرى فضيحة كالزنا، والزاني من شأنه طلب الخلوة فناسب التنور، ثم هو خائف حذر حال الفعل كأن تحته النار‏.‏

وقال أيضا‏:‏ الحكمة في الاقتصار على من ذكر من العصاة دون غيرهم أن العقوبة تتعلق بالقول أو الفعل، فالأول على وجود ما لا ينبغي منه أن يقال، والثاني إما بدني وإما مالي فذكر لكل منهم مثال ينبه به على من عداه، كما نبه بمن ذكر من أهل الثواب وأنهم أربع درجات‏.‏

درجات النبي، ودرجات الأمة أعلاها الشهداء، وثانيها من بلغ، وثالثها من كان دون البلوغ انتهى ملخصا ‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتمل كتاب التعبير من الأحاديث المرفوعة على تسعة وتسعين حديثا، الموصول منه اثنان وثمانون والبقية ما بين معلق ومتابعة، المكرر منها فيه وفيما مضى خمسة وسبعون طريقا والبقية خالصة، وافقه مسلم على تخريجها إلا حديث أبي سعيد ‏"‏ إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها ‏"‏ وحديث ‏"‏ الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين ‏"‏ وحديث عكرمة عن ابن عباس وهو يشتمل على ثلاثة أحاديث ‏"‏ من تحلم، ومن استمع، ومن صور ‏"‏ وحديث ابن عمر ‏"‏ من أفرى الفرى أن يرى عينيه ما لم ير ‏"‏ وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين عشرة‏.‏

والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب‏.‏